–         زمان و زمان

 

 

ما زال عيشهما في زمنين مختلفين – من أزمنة النساء – يرفع جدرا عالية  بين قلبيهما .

كانت ما تزال تعيش في عصر النبوة , تراجعه كما تفعل زوجة الخطاب ,  تغار  , و تغضب  , كما حبيبة الحبيب , و ربما

نامت عن القدر ,  كما  كانت تفعل الحميراء مع العجين  ,   تتعلم  , و تعلِّم  , و تجاهد , و تطمح  , كما فعلت نساء

الزمان الجميل .

و تقدم هو نحو الزمان  , و سار , وصل عصور الانحدار  , هناك وقف ينظر نحو النساء كما فعلوا .

حاول أن يغريها باللحاق  , و حاولت أن تشد منه الوثاق , فما فعل و ما فعلت .

 

 

 

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, 

الثقة … هذا الدواء العجيب

 

 

كنت في الثامنة من عمري عندما دعتني صديقتي  ابنة الجيران لتمضية بعض الوقت في اللعب معها في منزلهم القريب من منزلنا  , و قد سمحت لي والدتي بالذهاب إليها بسرور لتمضية ساعات الصيام بيسر و سهولة , فقد كان الزمان وقتها  شهر الصيام و كنا نتوق لساعة الإفطار , و نرهقها بسؤالنا عن الوقت المتبقي لساعة السرور تلك .

و فوجئت بصديقتي تتناول الطعام في منزلها بكل ثقة , و أجابتني على تساؤلي مبتسمة :

–          أنا أتناول الطعام عندما تكون أمي خارج المنزل,  و لكن عندما تكون هنا لا أكل شيئا .

و تناولت معها الفاكهة و قد أقنعتني أننا ما زلنا صغارا و سنصوم عندما نكبر و لكن لا بأس من أن يظن الأهل أننا صائمات حقا.

 و عدت للمنزل و معي سري الكبير , و بدأت النقنقة من الثلاجة و من المطبخ بعيدا عن رقابة الأهل,  و في ظني أنني أسجل بطولة في عيون أفراد عائلتي دون أن أعاني ألام الحرمان و ظننت الأمر كسبا و ربحا  .

و لمحتني أختي أتناول حبات الفول من القدر فصرخت متسائلة :

–          أأنت مفطرة و تمثّلين علينا ؟

 و تصنّعت النسيان فلم تصدّقني , فقد أعلن وجهي عن فعلتي, ووشت  بي ملامحه  , و طارت أختي نحو والدتي تبشرها بما جرى و كأنها نالت كنوز مصباح علاء الدين  , و من ثم عرضت عليها قشور حبات الفول التي رميتها في سلة المهملات , و كُشف أمري و امتقع لوني و أنا أقول لوالدتي بخوف :

–          لا يا ماما لا تصدقيها أنا ما زلت صائمة .

و قطبت والدتي جبينها متألمة , و قالت لأختي الصغيرة :

–          عندما تقول أختك أنها صائمة فهي كذلك , فأختك لا تكذب أبدا , و هي تعلم أن الله يراها و أنه من سيحاسبها على أعمالها يوم القيامة .

و لم أكن بحاجة لأن أقنع نفسي بأن والدي عرفت القصة و لكنها أرادت أن تلقنني درسا هو أجمل دروس العمر .

أصابني ندم شديد وقتها , و تألمت طويلا , و كنت أشعر بالخجل كلما تذكرت القصة  , فقد كنت متأكدة من أنني خنت ثقة والدتي بي ,  و أنني سأقضي وقتا طويلا لأستعيد مكانتي لديها , و أنني سلكت درب المنافقين عند ربي و نسيت أنه مطَّلع عليّ و أن هناك من يسجّل علينا الحركات و السَّكنات .

ووصلت إلى مكان يشبه مكان والدتي في ذلك الزمان , و رأيت أن رحمتها و حكمتها  هي سر تغافلها عني وقتها , و عزمت أن أكون مثلها في منح الثقة  للصغار و الإعلان عن هذا في كل حين , و حينها سيحملون هموم أنفسهم بأنفسهم , و سيجهدون للحفاظ على تلك المكانة في عيني , مع التذكير اللطيف بأن الله يراهم  و هو معهم أينما كانوا , و قبل هذا أن أزرع في نفوسهم محبة الله سبحانه .

لم أعد لفعلتي تلك  مطلقا , و قد بات النفاق منذ ذلك اليوم ألدَّ عدو لي , و قد ازددت تعلقا بوالدتي و حبا لها , و قد رأيت ثقتها و رحمتها الكبيرة بنا و تجاوزها عن هناتنا  .

رعاك الله يا أماه , و جعلك من أهل الصلاح و الفلاح , و أجزل لك العطاء , و أبدلك برحمتك بنا و نحن صغار رحمات واسعة في الدنيا و الآخرة .

 

صورة المجموعة القصصية

الامتياز - الصفحة الأولى

 

الامتياز -الصفحة الثانية

 

 

الامتياز - الصفحة الثالثة

شعرة أمي البيضاء-1-

 

 

 

شعرة أمي البيضاء 2

 

 

شعرة أمي البيضاء 3

 

 

شعرة أمي البيضاء 4--

سعادة الإيمان

الصفحة الأولىنسخ

الصفحة الثانيةنسخ

الصفحة الثالثةنسخ

الصورة الرابعةنسخ